قصة مكتوبة في إحياء ليلة القدر
كانت فاطمةُ جالسةً في مُصلّاها كعادتها، وهي تُرتِّل آياتِ الذكر الحكيم بصوتها الجميل وفي شهر فضيل ليس كباقي الشهور، إنّه شهرُ رمضان الذي أنزِلَ فيه القرآن. وتأخذنا بصوتها الشجي إلى عالمٍ آخر، عالم الحب والعشق الإلهي، وما إنْ أكملتِ القراءة حتى التفتت إلى أمِّها وهي تسألُها:
ــ أمّي، لا نستطيعُ أنْ نذهبَ هذه السنة إلى مسجد المدينة الذي اعتدنا الذهاب إليه في كلِّ عامٍ؛ بحكم الظروف التي تمرُّ بها البلاد والوباء الذي أخذ مأخذه من العباد، فكيف يا تُرى سيكونُ إحياء ليلةِ القدر؟
ــ إن شاء الله (تعالى) سنُحييها جميعًا في البيت، فلقد قررتُ أنْ أجهِّزَ غرفةَ الاستقبال لتكون المكان المناسب لإحياءِ مثل هذه الليالي المباركة.
ـ أمّي، ولكن من سيُحيي هذه الليالي معنا؟
ـ لا تهتمي يا ابنتي، إنْ شاء الله سنُوفَق لإحيائها أنا وأخواتكِ.
وفي هذه الأثناء سألت أختي زينب وهي أصغرُ سنًا مني:
ــ أمّي، ما هو فضلُ ليلة القدر؟ وفي أيِّ ليلةٍ هي من ليالي شهر رمضان؟ ولماذا كانت هذه الليالي في شهر رمضان؟ وكيف سنُحييها؟ وكيف سيكون الاستعداد لتلك الليلة؟
ردت الأمُّ قائلةً: ابنتي العزيزة إنَّ ليلةَ القدر هي إحدى الليالي التي كرّمها الله (تعالى) حيثُ قال في محكم كتابه: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ". وهي ليلةٌ ثابتةٌ في كلِّ شهرِ رمضان إلى يوم القيامة، ولا شكَّ أنَّ الملائكةَ تتنزل في كلِّ ليلةِ قدرٍ بمُقدّرات الخلق أجمعين. ومن الممكن أنْ يحققَ العبد درجةَ القربِ التي يُريد أنْ يُحققها تجاه الرب المتعال؛ وذلك بالالتجاء إلى ربِّه في تلك الليلة المباركة التجاءَ العبدِ الغريق، فيُحقق من درجاتِ القُربِ الروحي ما لا يناله في سنواتٍ طوال.
أما سؤالكِ في أيِّ ليلةٍ هي من شهرِ رمضان؟ فإنَّ الله (تعالى) أخفى ليلةَ القدر الحقيقية في ثلاث ليالٍ هي: التاسعة عشر، والحادية والعشرون، والثالثة والعشرون؛ لكيلا يركنَ الإنسانُ إلى ليلةٍ واحدةٍ. ويجبُ أنْ يقتدي بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) الذي كان يشدُّ المئزر في العشرِ الأواخرِ من هذا الشهر، ويجعل هذه العشرة الأخيرة مُتميزةً؛ للخروج بأفضل المكاسب في هذه الليالي المباركة.
وأمّا سؤالكِ عن كيفيةِ الاستعداد لتلك الليلة المباركة، فلا بُدَّ من التهيئةِ النفسيةِ المُسبقة، فنُعطي أبداننا قسطًا من الراحة، ولا نُكثِرُ من الطعام في أولِ الليل؛ لأنَّه من موجبات التثاقل، وقد روي عن الزهراء (عليها السلام) أنَّها لم تكن تدع أهلها ينامون في تلك الليلة، وتُعالجهم بقِلّةِ الطعام، وكانت تأمرهم بالنومِ نهارًا؛ لئلا يغلب عليهم النُعاس ليلًا، وتقول (سلام الله عليها): "محرومٌ من حُرِمَ خيرها".
وأمّا سؤالكِ عن هذه الليالي لماذا اختصت بشهرِ رمضان المبارك، فيا عزيزتي إنَّ شهر رمضان هو شهر الله (تعالى) بحقيقةِ المعنى، فكما أنَّ الكعبةَ بيتُ اللهِ، والقرآن كتاب الله، فكذلك هذا الشهر هو أيضًا شهرُ اللهِ (عزَّ وجل). والشيء إذا نُسِبَ إلى الله (عزَّ وجل) اكتسب العظمة والخلود؛ لأنه نُسِبَ إلى عظيمٍ أزلي وأبدي، فيُضفي على ذلك الشيء أنواعَ رحمتِه وبركاتِه، وعلى الأخص هذه الليالي الكريمة.
وأما سؤالكِ عن كيفيةِ إحيائها، فمن خلالِ عدّةِ أعمالٍ يقومُ بها الإنسان، أهمها هو الالتفات المستمر إلى الألطافِ الإلهية التي تجري على يدي صاحبِ الأمر الإمام الحجة (عليه السلام)، فإنَّه المُهتم بأمرِ أمّةِ جدِّهِ (صلى الله عليه وآله) في عصرِنا هذا، فلنكثر من الدعاء له في هذه الليالي المباركة بتعجيلِ فرجه، وهنيئًا يا ابنتي لمن استجاب الله له دعاءه في ذلك، وأذِنَ لوليِّه الأعظم أنْ يدعو له.
ــ أمّي، أعطني نبذةً عن هذهِ الأعمال فلقد اشتاق قلبي إليها قبل أوانها.
ــ حسنًا يا ابنتي سأخبركِ بها.بقلم: إسراء الموسوي
مواضيع ذات صلة:
كانت فاطمةُ جالسةً في مُصلّاها كعادتها، وهي تُرتِّل آياتِ الذكر الحكيم بصوتها الجميل وفي شهر فضيل ليس كباقي الشهور، إنّه شهرُ رمضان الذي أنزِلَ فيه القرآن. وتأخذنا بصوتها الشجي إلى عالمٍ آخر، عالم الحب والعشق الإلهي، وما إنْ أكملتِ القراءة حتى التفتت إلى أمِّها وهي تسألُها:
ــ أمّي، لا نستطيعُ أنْ نذهبَ هذه السنة إلى مسجد المدينة الذي اعتدنا الذهاب إليه في كلِّ عامٍ؛ بحكم الظروف التي تمرُّ بها البلاد والوباء الذي أخذ مأخذه من العباد، فكيف يا تُرى سيكونُ إحياء ليلةِ القدر؟
ــ إن شاء الله (تعالى) سنُحييها جميعًا في البيت، فلقد قررتُ أنْ أجهِّزَ غرفةَ الاستقبال لتكون المكان المناسب لإحياءِ مثل هذه الليالي المباركة.
كيفية احياء ليلة القدر |
ـ لا تهتمي يا ابنتي، إنْ شاء الله سنُوفَق لإحيائها أنا وأخواتكِ.
وفي هذه الأثناء سألت أختي زينب وهي أصغرُ سنًا مني:
ــ أمّي، ما هو فضلُ ليلة القدر؟ وفي أيِّ ليلةٍ هي من ليالي شهر رمضان؟ ولماذا كانت هذه الليالي في شهر رمضان؟ وكيف سنُحييها؟ وكيف سيكون الاستعداد لتلك الليلة؟
ردت الأمُّ قائلةً: ابنتي العزيزة إنَّ ليلةَ القدر هي إحدى الليالي التي كرّمها الله (تعالى) حيثُ قال في محكم كتابه: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ". وهي ليلةٌ ثابتةٌ في كلِّ شهرِ رمضان إلى يوم القيامة، ولا شكَّ أنَّ الملائكةَ تتنزل في كلِّ ليلةِ قدرٍ بمُقدّرات الخلق أجمعين. ومن الممكن أنْ يحققَ العبد درجةَ القربِ التي يُريد أنْ يُحققها تجاه الرب المتعال؛ وذلك بالالتجاء إلى ربِّه في تلك الليلة المباركة التجاءَ العبدِ الغريق، فيُحقق من درجاتِ القُربِ الروحي ما لا يناله في سنواتٍ طوال.
أما سؤالكِ في أيِّ ليلةٍ هي من شهرِ رمضان؟ فإنَّ الله (تعالى) أخفى ليلةَ القدر الحقيقية في ثلاث ليالٍ هي: التاسعة عشر، والحادية والعشرون، والثالثة والعشرون؛ لكيلا يركنَ الإنسانُ إلى ليلةٍ واحدةٍ. ويجبُ أنْ يقتدي بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) الذي كان يشدُّ المئزر في العشرِ الأواخرِ من هذا الشهر، ويجعل هذه العشرة الأخيرة مُتميزةً؛ للخروج بأفضل المكاسب في هذه الليالي المباركة.
وأمّا سؤالكِ عن كيفيةِ الاستعداد لتلك الليلة المباركة، فلا بُدَّ من التهيئةِ النفسيةِ المُسبقة، فنُعطي أبداننا قسطًا من الراحة، ولا نُكثِرُ من الطعام في أولِ الليل؛ لأنَّه من موجبات التثاقل، وقد روي عن الزهراء (عليها السلام) أنَّها لم تكن تدع أهلها ينامون في تلك الليلة، وتُعالجهم بقِلّةِ الطعام، وكانت تأمرهم بالنومِ نهارًا؛ لئلا يغلب عليهم النُعاس ليلًا، وتقول (سلام الله عليها): "محرومٌ من حُرِمَ خيرها".
وأمّا سؤالكِ عن هذه الليالي لماذا اختصت بشهرِ رمضان المبارك، فيا عزيزتي إنَّ شهر رمضان هو شهر الله (تعالى) بحقيقةِ المعنى، فكما أنَّ الكعبةَ بيتُ اللهِ، والقرآن كتاب الله، فكذلك هذا الشهر هو أيضًا شهرُ اللهِ (عزَّ وجل). والشيء إذا نُسِبَ إلى الله (عزَّ وجل) اكتسب العظمة والخلود؛ لأنه نُسِبَ إلى عظيمٍ أزلي وأبدي، فيُضفي على ذلك الشيء أنواعَ رحمتِه وبركاتِه، وعلى الأخص هذه الليالي الكريمة.
وأما سؤالكِ عن كيفيةِ إحيائها، فمن خلالِ عدّةِ أعمالٍ يقومُ بها الإنسان، أهمها هو الالتفات المستمر إلى الألطافِ الإلهية التي تجري على يدي صاحبِ الأمر الإمام الحجة (عليه السلام)، فإنَّه المُهتم بأمرِ أمّةِ جدِّهِ (صلى الله عليه وآله) في عصرِنا هذا، فلنكثر من الدعاء له في هذه الليالي المباركة بتعجيلِ فرجه، وهنيئًا يا ابنتي لمن استجاب الله له دعاءه في ذلك، وأذِنَ لوليِّه الأعظم أنْ يدعو له.
ــ أمّي، أعطني نبذةً عن هذهِ الأعمال فلقد اشتاق قلبي إليها قبل أوانها.
ــ حسنًا يا ابنتي سأخبركِ بها.بقلم: إسراء الموسوي
مواضيع ذات صلة:
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رئيك:
اخي الزائر الكريم اذا كنت زائر جديد هنا ، افئنت ضيف عزيز علينا وأنت مهم جداً بنسبة لنا،
فلا تبخل علينا ولو بترك تعليق او مشاركة هذا الموضوع ، فنحن نحب تعليقاتكم وإنتقادكم لمواضيعنا كحبنا لزيارتكم هنا وأكثر .^-^ ضع بصمتك...